أهلاً وسهلاً بكم داخل بلاد الرقص وَ المجون
أستمتعوا فـ أن المتع كثيرة هنا !

الأحد، 7 مارس 2010

مذكرات أنثى لاجئه " 7 "


-31-

هم يحتفلون بسهرة حب ,,, وأنا هنا بـ المنفى وحيدة أحتفل بـ وحدتي وعنائي !...

أشرب القهوة ,,, أنفضُ غبار الذكريات ذرة ذرة ,,, أقف عند تلك النافذة الشاحبة واضعة يدي بـ زجاجها الحامل رائحة الراحلين عن داري !...

وينحدر سيل من الأسئلة بـ داخلي ,,,, أين أنت الآن ؟؟

ألم تشتق إلى عيناي ؟؟

ألم تفتقد تلك النون المجنونة بـ حياتك ؟؟

أين إخلاصك بعدم تركي وحيدة ؟؟...


كتبت إليك كثيراً رسائل دسستها بـ فم الغياب ,,, رسائل مجنونة تشبهني كثيراً ولها رائحتك !!...

لم أنسى رائحتك ,,,, رائحة تشبهُ عبق الطفولة...

وزجاجة عطرك ,,,, مازلتُ أحتفظ بها...

ستعود ,,, هذا ما أشعر به...

سـ تنتشلني من هنا ,,, من هذه الفوضى ,,, من عيون الأمة العمياء ,,,, من هذه الأرض التي تغتالني....


خذني إلى مدائن مسحورة ,,,, إلى زمن تتجوني فيه ملكة ,,,, إلى خارج التقويم وخارج نطاق الساعات التي تنهش أعمارنا...

مازلتُ أحبك ,,, ومازلتُ أشد المتهمين بـ حبك ,,,, وسـ أبقى هكذا حتى آخر سهرة حب بيننا...



12 : 9 م

13 مايو \ 2009 م

* * *

-32-

أن تحلم وأنت بـ المنفى ,,,, أن تعشق وأنت أيضاً بالمنفى ,,, فـ أنت شخص محارب !...

أنا محاربة ها هنا ,,, بـ منفاي...

أحلمُ وأعشق ,,, ولكن جميع من حلمتُ بهم رحلوا تاركين حقائبهم بـ المطارات ,,, تاركين لي علامات تؤجعني \ تؤرقني !...

أنا امرأة تحمل المساء بعينيها ,,,, ذات عيون سوداء غائرة ,,, وماذا سيحدث أكثر بعد أن تركوا لي الحقائب ؟..

إذاً ,,, أنتهت الحرب بسلام ؟؟..

لا ,,, وأين هو السلام ,,,, ومخلفات الحرب آثرها موجود !...


آخر حلم لي ,,, وعدني أن لا يرحل ,,, وها هو رحل هكذا وببساطة !...

لن أسال لماذا رحلت ,,, لا لأنني امرأة خشنة \ لا مبالية...

بل لأن كل شي حتماً سـ ينتهي ذات ساعة ,,,, وساعاتنا أنتهت مبكراً ... مبكراً...

كل ما أستطعتُ فعلهُ حينها ,,, أنني أمسكتُ بطيفه وأقسمتُ عليه أن لا يتركني وحيدة \ ضائعة...

كل ما أستطعتُ فعلهُ أنني بكيتهُ ألفاً ,,, وشهقتُ شهقة كاد قلبي يتوقف من آثرها....

وكل ما أستطيع فعلهُ الآن هو الكتابة لهُ ,,, ولوعده الذي وعدني ,,, ولـ حلمي الذي أردتُ أن يكبر معي...


قبائل بني عبدالله تحرسني ,,, أو بالأحرى تسجنني ,,, تقيدني كـ عبدة يحسبُ عليها الماء والهواء...

كل شي تغير هنا ,,, كل شي مترهل \ مجعد !...

يائسة !

أجل ,,, أكثر من هذا...

بل أنني مصابة بـ داء لا دواء لهُ ,,,, يكبر ويكبر ويكبر بداخلي ,,,, يستعصي عليّ قطعهُ \ إستئصالهُ !...

نتوءات ,,,, وخز ,,, شيء ما يتعمق بـ مساماتي ,,, يجرحني ويتلذذ بـ قطرات الدم التي تسقط كـ قطرات ندى فوق ما أرتديه من لباس !...

أي حزن هذا سقط فجأة فوق رأسي ؟!...


أريد التحرر من هذا المنفى ,,, ومن جميع أحلامي...

أريد أن أصنع شي جديد ,,, لا أعلم كيف يكون ,,, المهم جديد...

وأريد أن أخوض بـ عشق يجعلني أنتصرعلى هذا السجن ,,, وعلى هذه القيود...

فليأتِ \ تأتِ ,,,, فـ أنا مستعدة لأعبدك...



17 مايو \ 2009 م

* * *

-33-

منفاي يحملُ بين أفخاذه رحمً صناعي ,,,, يلد كل يوم ,,,, أطفال معاقين ,,, ورجال مخنثين ,,, ونساءً بدون اثداء !...

اشياء ساذجة ,,, لا يمكن أن أتعايش معها حتى لو أصبتُ بعمى الألوان !...


منفاي الأعرج يحملُ فوق مساماته قشور تبلد وطحالب لزجة تمقتُ نفسك ألفاً عندما تطئها !...

ماهذا الهلام والعظام ؟

مقابر جماعية ؟

وحوش مستئصلة مشاعرها منذُ أن كانت برحمً مشوه !...

ربما هو الأنتقام ,,,, وربما كانت أعمدة من الغضب فسقطت وتهاوت فوق رؤوس الفرح...


أموات الخريف يخرجون من منفاي ,,,, يشربون النبيذ قبل أن يستريحوا مرة أخرى داخل مقابرهم ,,,, يرقصون وهم الذين كانوا يمقتون

الرقص قبل ألف عام !...

الرجال والنساء منهم يلبسون الديباج ,,, زاد طربهم ,,, أنهم يغنون ,,, لم أستطع أن أحفظ حرفاً من أغنيتهم !..

أطفالهم ملتصقين بهم ,,, جميل هو الإتصاق....

عيني سارحة بهم ,,, الآن هم صامتون ,,, أصبحوا ممسوسين بالصمت ,,,, عادوا إلى أدراجهم \ مقابرهم بسلام !...


تراب المنفى لهُ رائحة الدم \ القتل \ الأغتصاب !...

يزعجني بكاء طفلة ,,, لم أستطع أن أنتشلها من الأغتصاب !...

لم أستطع سوى أن أصفع ذالك الرجل ,,, وددتُ أن أطلق رصاصة بين عيناه كي لا يرى النور بعد ذالك !...

لم أستطع سوى أن أصرخ : " يارب السماء خذ هذه الطفلة إلى السماء ,,, خذها فإنها مرهقة ,,, خذها لتنام بسلام بالسماء "...


يقتلني حزن عراء تلك المرأة المتسولة الجميلة التي وبـ اسم قسوة زوجها أصبحت متسولة !...


صعقت عقلي انهزامات العرب والضمير والقبائل ,,, وأصبحت مجنونة... مجنونة... مجنونة....



" أمنياتي بـ هذا المنفى

أن أبقى سكيره طوال الوقت

كي أنسى كل شي.. كل شي "...



24 مايو \ 2009 م

* * *

-34-

قرأتُ مقابلة مع غادة السمان بعد وفاة ملاكها كما كانت تسميه ورفيق دربها زوجها بشير الداعوق ,,, أحزنتني كلماتها ربما لصدقها

وشفافيتها بالحديث وربما كنتُ أتوق لسماع قصة تشبهُ قصتي ...

لا أبالغُ حين أقول أن عيناي قد امتلئت بالدموع ,,, كدتُ أصرخ ولا أعلم حقاً ماهو السبب ,,, هو حزن عليها أم حزن على فراق من نحب !...

حزنها أثقل من حزني فهيا فارقت ملاكها فراق كلي ,,,, وأنا فارقتهُ فراق جزئي...


أدهشني بشير عندما همس إلى غادة قائلاً : " فاجأيهم يا صغيرتي ... فاجأيهم"...

هنا أرتبكتُ كثيراً ,,, تصورت أنه ملاكي هو من وجه إلي هذه العبارة !...


أيضاً ملاكي كان يشبهُ بشير ,,, سياسي يحثني على خوض المعارك ,,, يحثني على الموت بهدوء \ بإبتسامة !...

شيء مثير للدهشة ,,, وصوته مازال يملء أذني " أكتبي ماتشعرين به ... أكتبي "....

كيف أكتب وشهوة الكتابة أحتضرت برحيلك ,,, هكذا أردفت غادة...

وأنا كيف أكتب ووجهك غائب ,,, وجسدك غائب ,,, وكل شيء يقودني إلى الجنون غائب !...



" كيف أبقى صلبة كعود الزيتون

ومعطف هذا الزمن بارداً

أثلج تعاريج صدري

وبات يغتال تفاصيل جسدي

جزءً جزءً يغتالني

وبهدوء تام "



27 مايو \ 2009 م

* * *



-35-

أين أخبئ وجهي من هذا الظلام الدامس ؟

أحترمتهُ وأنا مختبئة الوجة !...

نسيتُ أزدرائي لهُ ,,,, وتخيلتُ أنني أربت بحنان فوق كتفيه قائلة لهُ : الصبر ... الصبر جميل يا آل عبدالله...

تماسكتُ كما يعهدونني ,,, الأنثى التي لا تتأثر بـ أحزان ورحيل !...

سقطت ألفاً بداخلي ,,,, صرختُ ,,,, حطمتُ ما أستطعتُ تحطيمهُ من أواني خزفية و زجاج !...

كدتُ أفقد إيماني بالحياة وأمسكُ بشظية حادة أمررها فوق عروق يدي وأنا مغمضة العينان...

كدتُ أنزلق بفم لا ينجيني منهُ أب أو أم !...


قررتُ أن لا أدرك أكثر ,,, أسقطت نفسي بقوة أعلى السرير ,,, غطيتُ وجهي بوسادة بيضاء ,,, آآآه كم هو سيء البيضاء بلحظات الوداع !

تتضارب الأفكار برأسي الصغير ,,, لم أعد أحتمله فوق هذه الأكتاف المرهقة ,,, أتمنى شيء صغير تافة يجعلني أثور لـ أستبيح تلك الدمعات

التي تخنقني....

يداي تلتقط ريموت " الاستريو " ,,, أضغط بقوة ,,, تدور الأسطوانة ,,, أغاني أجنبية لا أفقه حرفاً منها ,,,, أبتسم كـ طفلة بلهاء فرحة بقدوم

أناس كثيرون إلى بيتهم محملين بالأزهار !

أنهم في الأسفل ,,,, وأنا هنا هائمة بروائح القادمين ,,,, تستفزني روائحهم ,,, كنتُ أتمنى أن أصرخ بوجههم وأصفع بهم الباب قائلة : أخرجوا... أخرجوا...

ماعدتُ أطيق أن أرى وجهاً يحمل الكثير من النفاق ...

أخرجوا ... أني أكرهكم جميعاً...

هل تستطيعون أن تخبروني بما تشعرون به نحوي كـ صدقي \ جرأتي أمامكم ؟!...



أمي البرتقالة ,,, تهدأ من روعي ,,,, تسقيني برتقالاً ... برتقالاً...

لا أريدهم يا أماه...

فليذهبوا إلى الجحيم هم وأموالهم...

أهرب من عينيها ,,,, تحني رأسها مع أنحناء رأسي ,,, تقبلني ,,,, أهرب بعيداً عن جسدها !...


أخافُ أن تضمني البرتقالة إلى جسدها ,,,, ستشعر بإنكسارات جسدي و جروحه ,,,, ستشعر بالتشوهات التي علمت فوق جسدي...

أماه لستُ طفلة لـ تضميني !...

وأهرب من جديد ,,,, وأنا أتوق إلى أن أضع رأسي بصدرها ,,, لـ تغمس كفها بـ خصلات شعري !...


رغبتي بالبقاء سعيدة تتلاشى ,,, وكلما ضاقت بي الأحزان أتجهتُ إلى المطبخ أقطعُ البصل ,,, أنهُ مؤذي يا أماه ,,, أثار دموعي ,,, ولكنني سأكمل تقطيعه !...

أواصل النحيب \ التقطيع ,,, قلبي يحترق ,,, ليتني أستطيع أخراجهُ وتقطيعهُ هو الآخر,,, ليتني أستطيع تمرير هذه السكين الحادة فوق عنق من قتل طفولتي

وأحرق حزمة الورد وأبكى البرتقالة عمداً...

ليتني أستطيع أن أفعل هذا ,,, ربما سأفعله يوماً ولن أرتدي قفازات بلاستيكية كي أخفي أثري \ بصماتي...

لا يهمني ماذا سيحدث بعد هذا...

لا يهمني شيء...

لا يهمني شيء...



" مفجوعة بـ نفسي \ بـ الوطن...

بـ أسفنجة قلبي المبتلة حزناً...

بـ جمال الحلم المشوة عنوة

بـ حرفي الأول المقتول

أمام عيني ! "...



" حبات البازلاء

تنتظر تشريحي

من خبئ السكين عني ؟! "...



ســ أروي قصتها يوماً ما...



مايو \ 2009 م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق