.
.
.
تحية طيبة وبعد . .
ها أنا أعود لـ أكتب لك من جديد يا ابن سلمى . .
ها أنا أقلب ذاكرتي . . وأقلبُ شريط كلماتي \ كلماتك . .
أتذكر يا ابن سلمى حين قلت لك أنني أفتقر إلى اشياء كثيرة . . ربما إلى الحياة العادية التي تخلو من العقد والمشاكل . .
أتذكر حين قلت لك أنني مللت الهموم المتكدسة والنوح والفقد . .
أتذكر حين كنتُ مقتنعة بـ أن من نحبهم يرحلون هكذا دون ترك عنوان صريح لمستقرهم ومثواهم الأخير . .
أتذكر حين قلت لك : أتعلم أنني لا أحب الورود ؟ ولا أحب أن أقتنيهم لنفسي . . ولا أحب أن يهديني أحداً ما زهرة . .
قلت لك : هكذا أنا . . ولأنه يذبل . . والأشياء التي تذبل نتخلص منها بسهولة وبسرعة . . ربما لأننا نخاف الأمراض والحشرات !
أتذكر حين قلت لك : قديماً كانوا يحتفظون بالورد داخل كتبهم أو داخل مذكراتهم . . والآن وهذا الجيل لا يمتلكون كتباً ولا مذكرات . . فكيف سيحتفظون بالورد مجففاً !
أتذكر حين اصررت أنه أنتهى زمن الورد ! . .
كم أحن لـ أشياء كثيره . .
أحن لـ أشياء سحقت يا محمود . .
اليوم . . وللمرة الثانية ناديتك محمود على أوراقي . . ألم تلاحظ هذا ؟!
أحن إلى زمن جدي الجميل . .
أحن إلى الطفولة التي بداخلي . . وما عادت بداخلي . .
كبرت يا محمود وأصبحت امرأة . . وما أصعب أن تكبر طفلة . .
اتساءل اليوم . . لما جعلتني أبكي تلك الليلة ؟
أكانت تكدسات خرجت تلقائياً . . فـ أسترحتُ وأستراحت تلك الهموم ؟
أم أنني بحاجة إلى البكاء . . فمنذ أيام وأنا أمنع نفسي عن التسؤل . .
أنا متسولة أتعلم هذا ؟
لم أقضم الفرح منذ عام !
لم أشرب شراب الحنين . . ولم تتكسر ذرات الملح وَ السكر داخل فمي . .
أتضور جوعاَ . .
المتسولة تتضور جوعاً وعطشاً . .
مررت بي اليوم يا ابن سلمى ولم تمر . .
كتبت لك ولم أكتب . .
دونت عتاباً بمخيلتي . . ولم أدونه بـ أوراقي . .
ترددتُ كثيراً . . حتى قررت أن أكتب لك رسالة أضمنها مع رسائلي الأخوية . .
كتبتها بمخيلتي . .
بين ترددي قلت : أخاف أن أزعجك . . خفت أن تكون قد رحلت من هنا . .
أخيراً . .
أعتذر . . فـ غيابي لم يكن بـ إرادتي . .
لا ترتعب . . فكلنا راحلون . . ولكن ليس مبكراً
لا أحب الرحيل المبكر . . أريد أن أشبع منك . . لكن الظروف حكمت بذلك . .
ربما أعود يوماً هنا وأكتب لك رسالة ثالثه . .
وربما لا أعود . .
وحده الله يعلم . .
أختك \ أم نزار . .
.
.
.
5 : 2 ص
11 أكتوبر \ 2010 م